كيف أُقدّم طفلي ذا الاحتياجات الخاصة إلى مدرسته؟

كتبته: غيداء جمعان

مقدمة: الدخول للمدرسة لأول مرة خطوة مهمة ومربكة للطفل ولأبويه؛ فغالبًا ما يكون الأطفال قلقين بشأن الانفصال عن آبائهم والانطلاق لمواجهة المجتمع الخارجي بمفردهم مع كثير من التغيرات في البيئة الاجتماعية والمادية وعدد من القوانين، وربما يشعر الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة برهبة أكبر قليلًا وكذلك آباؤهم، لكن وفي كل الأحوال الاستعداد والتهيئة المدروسة تسهّل أداء المهمة.

 كيف أهيئ طفلي ذا الاحتياجات الخاصة لدخول المدرسة؟

  • توعية الطفل بوضعه الصحي أول وأهم خطوة في التهيئة للمدرسة ومواجهة البيئة خارج المنزل؛ لذلك يكون على الأبوين مسؤولية تبصير الطفل بحالته وما يحتاج إليه، على قدر ما يستطيع الطفل استيعابه وبحسب حاجته بلا تهويل أو ترهيب أو تهوين، ومن الجيد جدًا إشراك أخصائي نفسي في هذه الخطوة أو استشارته على أقل تقدير.
  • تقبّل خوف الطفل واعترف به، وفي الوقت ذاته اعتن بنفسك ولا تتجاهل مشاعرك المربكة تجاه بداية الطفل بالمدرسة؛ ذلك أيضًا يساعد على أن تكون أكثر صبرًا وانفتاحًا على استيعاب ما يمر به طفلك.
  • كتهيئة نفسية للطفل اقرأ القصص التي تسرد أفكارًا عن الذهاب للمدرسة، ثم أسقط الأدوار والمواقف في القصة على الطفل، وناقش مخاوفه والأمور التي يحب أن يجدها في المدرسة.
  • إن سر خوف الطفل من خوض تجربة الذهاب أو البقاء في المدرسة هو مواجهة المجهول في مواقف عدة، تحديدًا عند رغبته في تلبية احتياجات أساسية مثل الشعور بالأمان أو كيفية تلبية الجوع أو الذهاب لدورة المياه؛ لذلك التركيز على كشف المجهول ضروري، حيث كلما كان الطفل على علم بالروتين اليومي للمدرسة وبيئتها المادية ومرافقها كان أكثر هدوءًا في أيامه الأولى فيها، وهذا أيضًا يساعد على تكوين علاقة إيجابية بين الطفل والمدرسة.
  • تدريب الطفل على رعاية ذاته بدءًا من الدخول لدورة المياه بمفرده، وحتى تبصيره بمخاطر اللعب الخاطئ في ساحة اللعب، والتدريب على الرعاية يتبعه وجوب دعم استقلالية الطفل بتوفير الأدوات التي يستطيع حملها وفتحها وإغلاقها بمفرده، مثل: علبة الوجبة أو الحذاء والحقيبة، حيث تعمل هذه المهارات الدقيقة على مساعدة الطفل على التعامل مع المهام المتعددة الجديدة في الروضة، وبالتالي سيكون الطفل أكثر استقرارًا وهدوءًا.

بعد التهيئة وعند بدء العام الدراسي كيف لي أن أقدم طفلي ذا الاحتياجات الخاصة إلى معلمه؟ لا شيء يدعو إلى القلق هنا؛ ستقدم الطفل تمامًا مثلما تقدّم نفسك للآخرين. (هذا معاذ بارع في الرسم ويحب تكوين الصداقات) وصف مختصر ولطيف.

بعد ذلك اعقد اجتماعًا صغيرًا خاصًا بينك وبين المعلم، أو مع المرشد الصحي، قدّم وصفًا تفصيليًا بحالة طفلك وأشعر الموجودين بثقتك بهم، وزودهم بسيناريو واضح لأسوأ الأحداث التي قد تحدث مع طفلك في المدرسة بسبب حالته بشكلٍ خاص، أو بسبب سمات شخصيته وتعاطيه مع وضعه الصحي.

قدم التقارير الطبية وكل الاحتياطات الواجب تنفيذها في الحالات الطارئة لطفلك، تأكد أن كل ذلك مكتوب وتم الاطّلاع عليه من قبل جميع العاملين مع طفلك وليس فقط معلميه.

من جهة أخرى أبق المعلم على اطّلاع بالمحفزات التي قد تزعج طفلك: هل ينزعج من الصوت العالي؟ الإنارة الشديدة؟ وما الذي يساعد على تهدئته؟

توعية المعلم هنا قد تساعده كثيرًا في إدارة انفعالات الطفل، وبنفس القدر من الأهمية أعط المعلم نبذة عن نقاط القوة لدى الطفل، وما يصلح له من استراتيجيات تساعده في التطور على الأصعدة كافة. 

ويعتبر هذا الاجتماع الصغير فرصة لإعطاء المعلم أية معلومات مختصرة عن أي ضغوط قد تمر فيها شخصيًا وقد تؤثر على طفلك في المدرسة، مثل أنك ترعى الطفل لوحدك وتلتزم بعمل لساعات طويلة، أو أنك تتعايش مع مرض معين.

ومن وقت لآخر إذا لاحظت أن المعلم اتبع استراتيجية مع الطفل أفادته وأثّرت به؛ أخبر المعلم بها ليشعر بجهوده وليستمر في تقديم ما يناسب حاجات الطفل.

هذا ما كان حول تقديم الطفل لمعلمه… ولكن كيف أقدّم طفلي لزملائه في الروضة؟ ساعده على تقديم نفسه للأطفال بتعريف واضح عن مشكلته، لا تخش أن يفتح ذلك بابًا للتنمر على الطفل، كثيرًا ما يكون الأطفال داعمين لبعضهم إذا فهموا حاجات بعضهم وكان يساندهم موجّه واع، والذي سيكون هنا بمقام معلّم الصف.

وابحث في مجموعات الأهل بمساعدة المرشد الصحي عن أطفال يتشاركون الوضع الصحي، عرفهم على بعضهم ذلك سيكون داعمًا للطفلين، ولكن لا تفرض صداقتهما أو مشاركتهما الدائمة لبعضهما.. دع الأمر متروكًا للطفلين، لكن المهم في هذه الخطوة أن يستوعب الطفل أن هناك من يشاركه الحاجات نفسها ولا حرج في ذلك.

في مجموعات الأهل أرسل رسالة لطيفة وموجهة للأهالي تشرح فيها حالة طفلك باختصار، وما تحتاج أن يكون عليه بقية الأطفال معه، مثل دعمه أو مساعدته عند الحاجة. يمكنك مشاركة الآتي مع الأهل والمعلم في الوقت ذاته لإيصال تلك النقاط للأطفال؛ لأنها تنظم فهمهم عن حالة زميلهم وتراعي مخاوفهم:

  • كلنا نختلف عن الآخر بشيء معين، أنت تختلف عن أختك بأن لك شعرًا قصيرًا أسود، وهي لها شعر طويل بني، كذلك أنت وزميلك (سمه وعدد بعض الاختلافات فيها بينهما؛ حتى تصل تدريجيًا للحاجة الخاصة لدى الطفل الآخر).
  • الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة هم مثل بقية الأطفال يحتاجون إلى الاحترام والمشاركة في اللعب وبناء الصداقات.
  • لا يمكن أن تنتقل المشكلة الصحية التي يعاني منها زميلك إليك بمجرد أنك لعبت معه أو جلست بجانبه.
  • كلنا يمكن أن نكون في موضعه يومًا ما بغير إرادتنا، وهذا قدر الله ولا علينا سوى تقديم الدعم لهم ومساندتهم.
  • قد يقوم أولئك الأطفال بكل ما تستطيع أنت فعله لكن يمكن أن يأخذوا وقتًا أطول فقط.
  • المسلمون دائمًا ما يساعدون بعضهم ويشعرون ببعضهم، والله يحب منا أن نساند بعضنا عند الحاجة ، وإذا شعرت أن زميلك يحتاج إلى المساعدة لكنك عاجز عنها لأي سبب لا مشكلة توجّه لمعلم الصف وأخبره بذلك.
  • هذه الحاجة الخاصة لدى زميلك لا تمثّل سوى جزء منه، لذا فهو لديه كثير من الإيجابيات والصفات الحسنة التي ستكتشفها فيه.

المهم دائمًا أن تستخدم جملًا بسيطة واضحة ومحترمة جدًا لوصف طفل ذي احتياجات خاصة، ولا تذكر المواقف السلبية أو الممنوع اتباعها مع الطفل ذي الاحتياجات الخاصة، لئلا تذكّر الطفل بها أو تجعلها حاضرة في ذهنه، وإذا سألك عن أي موقف سلبي يمكنك الإجابة عليه وشرح ضده للطفل، ثم دعه يذكر مواقف إيجابية أخرى، واسمح له بتقصي المشاعر التي يمكن أن يشعر بها الطفل الآخر، ويمكن إعطاء الطفل معلومات عامة عن كل حالة خاصة مختلفة تحيط به.

خاتمة:

قد تختلف تجربة كل طفل ذي احتياجات خاصة للتهيئة والدخول المدرسة، وعلى ذلك تتغير الخطوات السابقة بالتأكيد، لكن مع وذلك يشعر الأبوان تقريبًا في مختلف الحالات بنفس المشاعر المختلطة من الإرباك أو الخوف. وكل ذلك محل تقدير، وكل ما سبق مهما كان صعبًا في تطبيقه على أرض الواقع سيكون شكلًا للبداية فقط، ومن بعدها تدريجيًا سينطلق الطفل في رحلته نحو الحياة وهو مسؤول وواع ومتقبل لما يقاضيه.