كيف ندير حوار فعّال مع الأطفال؟

كتبته: غيداء جمعان

منذ اللحظات الأولى للولادة يبدأ الأطفال بالتعرف على المحيط الخارجي والنظر إلى وجوه مقدمي الرعاية ومحاولة التفاعل معهم من خلال الابتسامات ونظرات العينان والإيماءات. ويزداد التفاعل مع الآخرين تعقيدًا كلما كبر الطفل فيصبح على هيئة حوار يساعدهم على التعبير عن أفكارهم والتعلم من الكبار ومن بعضهم العض، ويعتبر أيضًا كوسيلة فعّالة لحل نزاعات وممارسة اللعب التشاركي.

أطفال اليوم سيعيشون في السنوات القريبة في مجتمع منفتح على ثقافات متعددة يلحق بها قيم ومعتقدات ووجهات نظر مختلفة. وتبعًا لذلك لا نقول أنهم في حاجة للتمكّن من خوض الحوارات منذ الصغر أكثر من غيرهم من الأجيال ولكن يجب أن نعدهم لمستقبل أكثر انفتاحًا على العالم. لذلك من المهم أن ننمي لديهم المهارات التي تجعلهم متقبلين للتنوع وقادرين على الاستفادة منه بعقل وبثقة بدلًا من النفور منه.

إن فرصة تطوير مهارة الحوار وباقي مهارات التواصل عند الأطفال مرتبطة بمدى توفر الفرص التي تسمح لهم بممارسة تلك المهارات مع أقرانهم والبالغين.

فما الذي يجب علينا فعله لتشجيع الأطفال على التحاور معنا؟

1- يحب الأطفال عادة الحديث حول المواضيع التي تتعلق بمجريات يومهم وتجاربهم مثل: الألعاب التي لعبوها، الأشخاص الذين قابلوهم. ولكن من المهم أيضًا أن نفتح موضوعات أكثر تجريدًا للحديث حولها مع الأطفال مثل الحديث حول المشاعر أو مفهوم الاستدامة. وكلما كبر الطفل نتوقع مساهمته بشكل فعّال أكثر في الحديث حول هذه الموضوعات.

2- فتح حوار حول اهتمامات الطفل نفسه ومساعدته لاختيار موضوع لبدء الحوار، ويمكن أيضًا ربط هذه المحادثات بموضوعات التعلم التي تمت خلال اليوم الدراسي مثل: طريقة الزراعة، دورة الماء في الطبيعة أو حالات المادة.

3- استخدم الروتين اليومي كفرصة للحديث الثري، مثل الحديث عن الصيد عند تناول الطعام أو التحدث عمّا يحدث للجسد والدماغ عند النوم خلال فترة تهيئة الطفل للخلود للنوم.

4- تصميم المساحات والجلسات التي تشجع الأطفال على التحدث معًا ومشاركة الأفكار على سبيل المثال اعتماد الجلوس على شكل دائرة مع الأقران، تصميم مناطق اللعب في الهواء الطلق، وضع طاولة في غرفة الطفل تسمح بإجراء محادثات قصيرة مع الطفل خلال عمله على نشاط معين، أو تدريبه على الجلوس عليها لفتح حوار محدد مع الحفاظ على التواصل البصري من خلال الجلوس أمامه مباشرة.

5- طرح أسئلة مفتوحة لتحدي الأطفال للتعمق أكثر أثناء التعبير عن أفكارهم على سبيل المثال اسأل، لماذا تعتقد أن هذا حدث؟ بدلاً من هل تعتقد أن ذلك سيحدث؟ أو ما رأيك في هذا؟ بدلًا من هل أعجبك؟.

تشجيع الأطفال لخوض حوار حول موضوع ما هو الخطوة الأولى أو المدخل الأساسي وهناك خطوات أخرى تساعدنا على تنشيط الحوار مع الأطفال لكن هناك الكثير من التفاصيل التي يتعيّن علينا الانتباه لها عند إجراء الحوارات مع الأطفال مثل:

1- في المحادثة الجيدة يقوم جميع المتحدثين بنفس القدر من التحدث والاستماع. ولتطبيق نفس الطريقة مع الأطفال يعد اللعب بطرق تشجع على تبادل الأدوار مع الأطفال (باستخدام لعبة جسدية أو صوتية) طريقة ممتازة للاستعداد لتبادل الأدوار في المحادثة.

2- يرتبط الاستماع ارتباطًا وثيقًا بتنمية التعاطف لدى الطفل، وعندما يتعلم الأطفال كيفية الاستماع إلى الآخرين فإن ذلك ينمي تعاطفهم ويعزز من مشاركتهم في الحوار.

3- التواصل لا يقتصر فقط على الكلمات التي نستخدمها. غالبًا ما تقول لغتنا غير اللفظية أكثر بكثير من اختيارنا الفعلي للكلمات وهناك بعض الأنواع المهمة للتواصل غير اللفظي مثل الجهارة بالصوت، مستوى النبرة، سرعة التحدث، تعابير الوجه، والتواصل البصري الذي يظهر المشاعر والاهتمام بالموضوع، الإيماءات وحركات اليدين التي تضيف معنى لردات الفعل عند المتحدث وتنقلها للمستمع.

4- عندما يكون الأطفال غير قادرين على التعبير عن أنفسهم، يمكن للكبار أن يكونوا قدوة لكيفية التعبير عن المشاعر وإخبارهم بما يفكرون فيه، ومشاركة فكرة جديدة، وحل النزاعات.على سبيل المثال لحل النزاعات يمكننا المبادرة بالقول أنه يمكننا قطع الكعكة إلى ثلاث قطع من لديه فكرة أخرى؟. مثال آخر لمساعدة الأطفال على التعبير؛ يمكننا قول لقد كنت حزينًا عندما رأيت الأرنب مريض قل لي كيف شعرت أنت؟.

5- أظهر للأطفال كيفية التعامل مع مجموعة صغيرة من خلال الاستماع الدقيق والنظر إلى الشخص الذي يتحدث وطرح الأسئلة والإجابة عليها، هذا الأسلوب يساعدهم على فهم شكل الحوارات والتفاعلات فيها من خلال ملاحظتهم المقصودة.

ومن خلال المحاكاة والممارسة يتعلم الأطفال كيف يخوضون حوارات فعّالة.

يبقى هناك سؤال مهم كيف يمكن أن نبقي الأطفال في جو الحوار أطول فترة ممكنة؟

يعتمد ذلك على قدرتهم على الانتباه تبعًا لمرحلتهم العمرية، لكن يمكننا تعزيز اهتمام الأطفال وتركيزهم على أفكار الآخرين أو تجنب المنعطفات الحوارية من خلال الآتي:

1- نمذجتنا للاستماع الجيد، تحديدًا من خلال استماعنا لهم، أو لغيرهم في حضرة انتباههم.

2- تذكير الأطفال بما قاله الآخرون وما هي أفكارهم.

3- التمرين على الاستماع الجيد وتذكر الأفكار المطروحة. من خلال لعب الألعاب التي تعتمد على التركيز على الاستماع أو لعب ألعاب الذاكرة.                                      

4- مدح الأطفال عندما يظهرون حسن الاستماع والتعاطف.

5- محاولة إشراك الأطفال في الحوار قدر الإمكان.

ولا ننسى يعتمد كل ما سبق على قدرة الأطفال على التواصل وعلى مخزونهم اللُغوي وأسلوب ممارسة الحوار في المنزل بين الأبوين أو غيرهم من المحيطين بالطفل، ومن الممكن في فترة ليست قصيرة اكساب الطفل أسلوب الحوار الجيّد.

_____________________________________________

المراجع:

1- Engaging Children in Meaningful Conversation
Explore more Professional .( دون تاريخ نشر).تم الاطلاع عليه في 9/5/2021م.رابط الموقع: http://resourcesforearlylearning.org/

2- Conversation and social skills.(26/9/2021م).تم الاطّلاع عليه في28/9/2021م.رابط الموقع: https://www.education.vic.gov.au/